قصتي مع التوحد 💛🌱

Tuesday, August 14, 2018
نصيحة اليوم وكل يوم : " ابدأ من حيث انتهى الأخرون "
وأضيف عليها : استفد من تجارب الناجحين وخبراتهم ، وطورها وضاعفها حتى تصل لنجاحك .

قبل خمسة سنوات تقريباً .. في جامعة طيبة حَيثُ كُنت أَدرس :) !
كُنت أتحدث مع صديقة من الصديقات من موضوع لموضوع إلى أن وصل بنا الحديث
 عن أخيها الأصغر منها سناً من ذوي التوحد ، حدثتني عن مُعاناتهم مع المجتمع ككل ومع الأقارب خاصة ،
 وأن أخيها منبوذ وغير مُرحب به ! ، وعن قلة الأماكن اللي تتناسب مع وضع أخيها ، 
حَكت لي أن الحل هو بقاء أخيها في المنزل في أغلب الأحيان وعدم الإكثار من الخروج والإختلاط بالأقارب ،
حقيقة وقتها لم أكن أعرف عن التوحد إلا القليل وقد ارتسمت في بالي صورة عن أخيها انه طفل يجلس وحيداً في ركن الغرفة ، 
ولا يحب أن يتكلم أو يتفاعل أو يحضن أحد كما هو متعارف عن التوحد ! ، تعاطفتُ معها كثيراً ، 
ولو كنت أعرف وقتها أنها تتكلم عن اللي بواجهه في مستقبلي كنت اهتممت بالموضوع أكثر وبأتواصل معاها أكثر وأبحث أكثر ! .


..

توتة في ذلك الوقت كانت تبلغ من العمر سنة ونصف تقريباً .
-أعرفكم على توتتي - بنوتة وُلِدت في ظروف طبيعية جداً ووبصحة ممتازة الحمدلله -
كانت ومازالت طفلة لطيفة مثلها مثل أي طفل بريئ :) ! -


توتة بعمر سنة ونصف تقريباً

مرت الأيام وصار عمر توتة سنتين وبدأوا الأقارب يلاحظوا تأخرها إلا أنا ! ،
بفطرة الأم وقلبها الحنون كنت مُنكرة أي شعور يقولي إن توتة متأخرة عن الأطفال اللي بعمرها ، 
كانت عندها سمات توحد مثل: ( تأخر النطق وانعدام التواصل البصري -بمعنى ماتحط عينها بعين أحد-
 ، تلعب بأشياء أساساً ماهي ألعاب مثل فرش الأسنان والأسلاك وسماعة التلفون ، ولو لعبت بألعاب فهي تلعب بها 
بطريقة غير صحيحة مثل المكعبات بدل من تركيبها فهي تقوم بصفها صفوف مرتبة جداً وبتدرج ألوان عجيب ! ، 
ومثل لعبها بالسيارة لكن بدل من دفها وتحريكها مثل الأطفال تقوم بقلبها وإدارة عجلاتها فقط ! ، 
تحب المرتفعات ولا تخاف منها فدائماً ما أجدها فوق دولاب أو طاولة رغم صغر سنها ، لا تستوعب الأوامر أبداً ، 
ولا تستمع لمحدثها حتى أن بعض الأقارب شكوا بضعف سمعها أو انعدامه ونصحوني بعمل تخطيط سمع وفعلاً قمنا
 بعمل اختبارين للسمع للتأكد وكلها كانت النتيجة ممتازة ولا يوجد لديها ضعف سمع ! ) ،
كُنت دايم أرد عليهم بنتي طبيعية لكن لعدم وجود أطفال حولها هي للآن ما تكلمت أو أو أو .... الخ .
وقتها كنت أتمنى توتة توصل لعمر ثلاث سنوات عشان تبدأ تنطق وتتكلم 
وكأن عمر الثلاث سنوات سحر بيغير حالها من حال لحال !!
كُنت أوهم نفسي واللي حولي إن طفلتي حبيبتي طبيعية مثلها مثل غيرها وإن اللي عندها تأخر لغوي 
بسيط يتعرضوا له الأطفال ، لكن للأسف الموضوع ماكان كذا ، وصلت لعمر سنتين و ثمانية شهور 
ومازالت لم تنطق كلمة واحدة ! ، وبعد إصرار من زوجي لزيارة دكتوة تخاطب ممتازة في جدة سمع عنها من صديق له ، 
حجزنا موعد وذهبت له على مضض ، كان الموعد عبارة عن سؤال وجواب وبعد كم سؤال بالإضافة 
لملاحظة سلوك توتة وقت الموعد - كانت توتة جداً متضايقة وصوت بكائها واصل لآخر الدنيا
قالت بكل بساطة " دا توحد " للآن أعاتب الدكتورة على طريقة إخباري عن التوحد ومحاولة استغلالي 
وكتابة مليون ألف علاج غير مثبت علمياً رغبة في كسب المزيد من المال !
نرجع لقصتنا ، خرجت من المستشفى ودموعي تسبقني وكلي غضب و تشكيك في الدكتورة وأنها غير فاهمة 
ولا يتوجب عليها الحكم بدون تشخيص ! ، 
عُدنا للبيت مباشرة بدون الإهتمام بما كتبته الدكتورة من جلسات أكسجين وأنواع التحويلات ،
قرأت عن التوحد كثير ، وشاهدت مقاطع يوتيوب أكثر وصرت أقارن بين وضع توتة وبين اللي وجدته في بحثي ،
وأخيراً بدأت أتخطى مرحلة الصدمة وأقتنع إن توتة فعلاً طفلة توحد .
من قرائتي وبحثي عرفت عن وجود مراكز متخصصة في تعديل السلوك والتدخل المبكر .
وإن الطفل كل ما بدأ تدريب من عمر ثلاث سنوات - يسموا هذا العمر العمر الذهبي - كل ما تعدل سلوكه أسرع ،
وكل ما اغتنمنا الوقت في تدريبها كل ماتحسنت بشكل ملحوظ ! ، 
حتى من الممكن لو كان التوحد بسيط توصل لتوحد غير ملحوظ أو يلاحظه فقط المقربين منه !
أول شيء بحثت عنه كان مركز تعديل سلوك في مدينتي وسجلتها مباشرة ولحقت على آخر مقعدين شاغرين في المركز ،
كانت رسوم المركز 24 ألف ريال في السنة وهي رسوم تعتبر مرتفعة جداً ، 
لكن المركز اخبروني أن الدولة تتكفل بدفع الرسوم عن كل طفل سعودي بشرط أن يكون له رقم مستفيد في الشؤون الإجتماعية ، 
طريقته عمل تشخيص جديد في مستشفى الأطفال أو الطب النفسي 
خلال شهر تقريباً أخذت بنتي وشخصوها من جديد وكان التشخيص توحد متوسط وأعطوها رقم مستفيد ..
وبكذا توتة كملت في هذا المركز ثلاث سنوات متتابعة ،
بأتكلم عن المراكز عندنا في السعودية بشكل مطول في تدوينة أخرى وايش الأشياء اللي قدمت لتوتة وأفادتها .


 أهم نقطة بتأثر في طفل التوحد قبل كل شيء هو تقبل أهله ومجتمعه وأقاربه له ، 
كيف ماكان يضل طفل خلقه الله بقدرات خاصة مختلف عن بقية الأطفال لكن ليس أقل منهم ، 
وإنتي كأم تفخري بطفلك وتغمريه بالحب والإهتمام وتدمجيه بالمجتمع ووظيفتك تهيئي له المكان 
اللي بيعيش فيه وتعرفيهم على حالة طفلك وتشركيهم في المهمة اللي انتي بتقومي فيها .

من نعم ربي علي وعلى توتة أن رزقنا بأهل وأقارب تقبلوا حالتها واحتووها وكانوا سند لنا دائماً فله الحمد والشكر

توتة في عمر الست سنوات 


لو كنتي أم عظيمة لطفل توحد أو لطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة فالنقاط هذي موجهة من قلبي لك 
أكثر الأشياء اللي ساعدتني في مشواري وانصحك فيها  :

  • توكلي على الله دائماً وأبداً ، وثقي إن ربي ما قدر لك إلا الخير وإن كان ظاهر الأمر لك سيئ وغير مُرضي ، وتذكري إن ربي مابيكلفك فوق طاقتك وما رزقك بهذا الطفل البريء إلا لأنك قادرة على العناية والإهتمام به ، ولا يفوتك احتساب الأجر والصبر والدعاء دائماً ، افخري بتميزك بهذا الطفل اللي ممكن يكون سبب في دخولك الجنة .
  • ركزي على طفلك ومصلحته وإنسي كلام الناس من حولك ، الناس مابيعيشوا حياتك ولا بيقدموا ولا يأخروا في طفلك شيء ، يا تتحركي بنفسك وتسعي لمصلحته أو ثقي إنك بتجلسي في مكانك سنوات لا طفلك اللي تحسن ولا حياتك اللي تحسنت .
  • تقبلي حياتك اللي ربي اختارها لك ، اسعي لتحسنيها قد ما تقدري وحلي مشكلاتك اللي تواجهك ، دايم طالعي للجانب الإيجابي وركزي على يومك لا تفكري بالمستقبل كثير ايش بيصير بطفلي  بيتعلم ولا لا بيدخل مدرسة ولا لا بيتزوج ولا لا ..... الخ كلنا فكرنا كذا بس اكتشفت إن هالتساؤلات هي اللي تحبطني و تخليني اعيش يومي بقلق ، عيشي لحظتك وأدي مهمتك على أكمل وجه وربي بيسهلك باقي حياتك ، اللي خلق هذا الطفل هو أرحم مني ومنك عليه .
  • لا تنسي نفسك من الحب والاهتمام وممارسة الهوايات اللي تحبيها وتخصيص وقت لنفسك حتى تكوني قادرة على منح الحب لطفلك ولعائلتك ، لو كان وقتك فقط لهذا الطفل بدون اهتمام في أي شيئ آخر بيجي اليوم اللي تُحبطي فيه وتستنفذي طاقتك لآخر قطرة ، عشان مانوصل لهالمرحلة لازم تهتمي بحياتك وتنمي نفسك وتقوي نفسك عشان تقدري تواجهي هالحياة بكل شغف وحب وطموح .  
  • ابتعدي عن أي مصدر سلبي يزيدك طاقة سلبية ! ، مثلاً كنت مشتركة بقروب لأحد أشهر اللي بيتكلموا عن معاناة أهالي التوحد !، بيوم من الأيام أرسل رسالة تصور حياتنا كجحيم وأن ما نواجهه نوع من أنواع العذاب وكبر وهول الموضوع لدرجة لا تطاق ، أعرف أن الوضع المادي والمعنوي هو مشكلة لدينا لكن هذا الشيء لا يعطيك الحق في تهويل وتضيقها على الأهالي ، أنا مع من يطالب بحقوق ذوي التوحد لكن بهدف الإصلاح وبأسلوب بعيد عن السلبية .
  • ابحثي عن قروبات أمهات أطفال التوحد ، دخلت لمجموعات كثيرة لكن أقدر أقول استفدت من قروبين فقط ، أي مشكلة تواجهني كان القروب هو المرجع الأول اللي أرجع له ، كل من يساعدني ويعطيني من خبرته وتجربته ، أخيراً اقتنعت بمثل : ( أسأل مجرب ولا تسأل طبيب ! ) .. لولا الله ثم الأمهات الملهمات القويات اللي كانوا لي خير مثال لم أصل لما وصلت له الآن من رضى وقناعة  واجتهاد ! فجزاهم الله عني خير الجزاء وجعل ماقدموه في موازين حسناتهم ورفع الله عن طفلتي وأطفالهم كل أذى .
  • تابعي الأمهات اللي عندهم حسابات في برامج التواصل الإجتماعي يعرضوا تجاربهم مع أطفالهم من ذوي التوحد ، ويعطوك طاقة إيجابية و همة عالية في إنك تكملي مشوارك وتوصلي للي هم وصلوا له وأكثر .
  • المركز يشكل ربع يوم طفلك تقريباً ، باقي اليوم طفلك معاك فانتِ لازم تدربي و تشتغلي بنفسك عليه ، في أمهات ساكنين بقرى وغيره ماعندهم مراكز هم بنفسهم اشتغلوا على أطفالهم ووصلوا لمستوى جداً ممتاز ،اغتنمي وجود الانترنت ابحثي باليوتيوب وبنترست و و و .. الخ ، كل واحد وظروفه متى ماتوفرت المادة للمراكز والحصص فهي الأفضل ولكن إن لم تتوفر فما انتهت الحياة انتِ تقدري
  • من رأيي إن الحياة الطبيعية هي المدرب الأول لطفلك مثلاً : ( اخرجي حديقة عامة وخلي طفلك يشوف الأطفال كيف يلعبوا وحاولي تدمجيه معاهم ، رايحة السوبرماركت خذيه معاك يتعلم كيف تحطي الأشياء بالعربية وبعدها تحاسبي وإن مافي شيء ينفتح قبل نحاسب ، رايحة المول تاخذيه معاك ، تعلميه كيف ينتظر وإن في شيء اسمه طابور نوقف فيه ... الخ ) هالأشياء اسمها تواصل الأطفال الطبيعين يكتسبوها مع الوقت بس أطفالنا لازم نعلمهم وندربهم عليها ، كنا نخصص أيام ننزل لأماكن محددة بغرض تدريب توتة لأن سلوكها كان جداً سيء بالأماكن العامة ، حالياً توتة تنتظر في الطابور ، تمشي جنبي بدون تشرد بشكل أفضل من قبل بكثير ، تجلس إذا طلبنا منها الجلوس أفضل من قبل، أحيان تجلس بالمطعم أو الكافي بهدوء للآن ما وصلنا لنتيجة ممتازة 100% ولكن أقدر أقول وصلنا لنتيجة أفضل ب 60% وهي نتيجة مرضية كل ما أقارن وضعها الآن بوضعها قبل ثلاثة سنوات أقول من قلبي الحمد الله اننا وصلنا لهالنتيجة ومازلنا بحاجة لتدريبها أكثر بكثير من أول لأنها بدأت تكبر ومثل ماذكرت كل ما كان التدريب بعمر صغير الإستجابة أسرع .


تدوينتي القادمة باذن الله بتجاوب على أسألتكم بشكل مبسط عن  :
إيش هوا التوحد ؟  
و كيف اعرف إن طفلي عنده توحد ؟!
ايش هيا سمات التوحد ؟!
 ايش هوا علاج التوحد ؟! 
لمين أتوجه لو كنت أشك إن طفلي عنده مشكلة ما ؟!
كيف ومن وين نبدأ في التدريب ؟!


ملاحظة : " أنا أم لطفلة توحد مجتهدة أقرأ وأبحث لأصل بابنتي لأفضل مستوى ولست متخصصة .. "

تمنياتي لكم بحياة هانئة سعيدة ..



سمعت كلمة فنفعني الله عز وجل بها ثلاثين سنة 🌿..



مرحباً يا أصدقاء .. البداية البسيطة لكل تدوينة صعبة :") !

بتتسائلوا ليه قلت عنها صعبة ؟! التدوينة الأولى معروف إن لها رهبة غير عن باقي التدوينات :/ ..

حقيقة قرار التدوين يُلاحقني مُنذ زمن ولكن لبعض الأسباب كنت أتوقف و أتراجع دائماً ! 
من الأسباب إن التفاعل في المدونات عادة يكون تفاعل بسيط جداً ولا يُذكر مقابل التعب والجهد المبذول من قبل المُدَون ،
وبما إن الغرض من إنشاء المدونة هو الفائدة فستكون مرجع مفيد لكثير من الناس بإذن الله وإن انعدم التفاعل
تكفيني دعوة صادقة إن استفدتم من محتوى المدونة.

ومن الأسباب أيضاً خوفي من عدم تقديم محتوى مفيد وقيم ! ،
 لكن الآن وبعد سنوات وقد تكونت لدي الكثير من التجارب 
أقدر أقول إني صرت مُطَالبة و واجب علي تجاه كل شخص من ذوي التوحد إني أرفع مستوى الوعي والثقافة
في مجتمعاتنا العربية عن اضطراب التوحد ، وتجاه كل أم حائرة  لا تعرف طريق البداية أو تحتاج مساعدة
في شيئ تخطيته ونجحت فيه إني أمد لها يد العون من خلال تدويناتي الخاصة بالتوحد .


ملاحظة : المدونة ما بتكون خاصة بالتوحد فقط ، التوحد بيكون قسم خاص من مدونتي وهو السبب في بداية التدوين و بأهتم فيه اهتمام خاص ، مع مرور الأيام بشاركم باقي اهتماماتي اللي تستحق التدوين مثل التسوق من الإنترنت ، التسويق ، الكتب ...الخ
  فأهلاً بكم في عالمي 🍃  .

أخيراً مريت قبل أيام على اقتباس من قول زبيد الإيامي : " سمعت كلمة ، فنفعني الله عز وجل بها ثلاثين سنة ".
أتمنى إن حساباتي في برامج التواصل الإجتماعي تُوصف بهذا الوصف في يوم من الأيام 🍃..



حظاً طيباً يا أصدقاء ..